ونبدأ بكلام العبد الفاضى فنقول إن هذا الكلام لا موقع له من المنطق إلا
فى المرحاض. لماذا؟ لأن الإنجيل الذى كان يمكن أن يحاجّ القرآن به لو كان
بين الكتابين اختلاف، وهو الإنجيل الذى أنزله الله سبحانه وتعالى على عبده
ورسوله عيسى عليه السلام، هذا الإنجيل لم يعد له وجود، أما الأناجيل التى
بين أيدينا الآن فلم تنزل من السماء كما هو معروف، بل هى سِيَرٌ وتواريخُ
كتبها بعض النصارى بعد أن توفَّى الله
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] إليه بعشرات السنين، ويختلط فيها الحق بالباطل، ولم يُتَبَع فيها أى منهج
علمى ولا روعيت فى تأليفها أية ضمانات لتجنيب مؤلفيها الخطأ أو على الأقل
تقليل هذا الخطإ وحَصْره فى أضيق نطاق ممكن، وكثيرٌ ما هو فى تلك الأناجيل
لذلك السبب وغيره. فحِجَاج هذا السفيه لنا بأن الإنجيل قد قال كذا فى
المسألة التى نحن بصددها هو حجاج باطل. على أن هذه الملاحظة لا تصدق على
الأناجيل فحسب بل تشمل الكتاب المقدس جميعه "من ساسه لراسه" حسب التعبير
الشعبى المعروف. وإلى القارئ بعضا من الأخطاء- الأفاكيه الموجودة فى الكتاب
المقدس كى يقضى وقتا بهيجا مع ذلك الكتاب الذى يتخذه بعض المهاويس معيارا
يخطئون به قرآننا:
فمن ذلك مثلا ما جاء فى سِفْر "التكوين" (1) من أنه قد "
أكملت
السموات والارض وكل جندها. وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي
عمل.فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل.وبارك الله اليوم
السابع وقدسه.لانه فيه استراح من جميع عمله الذي عمل الله خالقا هذه مبادئ
السموات والارض حين خلقت.يوم عمل الرب الاله الارض والسموات كل شجر البرية
لم يكن بعد في الارض وكل عشب البرية لم ينبت بعد.لان الرب الاله لم يكن قد
امطر على الارض.ولا كان انسان ليعمل الارض. ثم كان ضباب يطلع من الارض
ويسقي كل وجه الارض. وجبل الرب الاله آدم ترابا من الارض.ونفخ في انفه نسمة
حياة.فصار آدم نفسا حيّة وغرس الرب الاله جنّة في عدن شرقا.ووضع هناك آدم
الذي جبل وأنبت الرب الاله من الارض كل شجرة شهية للنظر وجيدة للأكل.وشجرة
الحياة في وسط الجنة وشجرة معرفة الخير والشر. وكان نهر يخرج من عدن ليسقي
الجنة.ومن هناك ينقسم فيصير اربعة رؤوس. اسم الواحد فيشون.وهو المحيط بجميع
ارض الحويلة حيث الذهب.وذهب تلك الارض جيد.هناك المقل وحجر الجزع. واسم
النهر الثاني جيحون.وهو المحيط بجميع ارض كوش.واسم النهر الثالث حدّاقل.وهو
الجاري شرقي اشور.والنهر الرابع الفرات". أرأيت أيها القارئ العزيز
هذه الدُّرَر الجغرافية والجيولوجية التى يتقاصر دونها كل ما جاء فى كتب
الجغرافيا والجيولوجيا، فضلا عن ذلك الإله الذى يتعب فيأخذ راحة بعد
المجهود الشاق الذى بذله؟ يا له من إله مسكين يحتاج إلى كوب شاى ساخن يزيل
عنه وعثاء التعب، ويا حبذا لو كان مع الشاى قطعتان من البسكويت! وكُلّه
بثوابه! ومن قدّم شيئا بيداه التقاه! (ملحوظة: من العرب قديما من كانوا
يعربون المثنى دائما بالألف قبل شحّاذى السيدة، وكذلك قبل "شحّاذ الغرام"
بأزمان وأزمان، أقول هذا قبل أن ينطّ لى أحدهم مخطئا وجود الألف فى "يداه"
رغم دخول حرف الجر عليها!).
كما جاء فى ذات السِّفْر (6): "
1وَوحدث لما ابتدأ
الناس يكثرون على الارض وولد لهم بنات ان ابناء الله رأوا بنات الناس انهنّ
حسنات.فاتّخذوا لانفسهم نساء من كل ما اختاروا. فقال الرب لا يدين روحي في
الانسان الى الابد.لزياغانه هو بشر وتكون ايامه مئة وعشرين سنة كان في
الارض طغاة في تلك الايام.وبعد ذلك ايضا اذ دخل بنو الله على بنات الناس
وولدن لهم اولادا.هؤلاء هم الجبابرة الذين منذ الدهر ذوو اسم ورأى الرب ان
شر الانسان قد كثر في الارض.وان كل تصور افكار قلبه انما هو شرير كل يوم
فحزن الرب انه عمل الانسان في الارض.وتأسف في قلبه. فقال الرب امحو عن وجه
الارض الانسان الذي خلقته.الانسان مع بهائم ودبابات وطيور السماء.لاني حزنت
اني عملتهم»". هل سمع أحد من عقلاء البشر أو حتى من مجانينهم أن
لله أولادا؟ فمن أمهم يا ترى؟ ثم حين ذهب أولاد الله ليخطبوا بنات الناس،
هل أخذوه معهم ليفاتح آباءهن ويتفق معهم على الشبكة والمهر والشقة والأثاث
والذى منه؟ ثم أى إله هذا الذى يأسف ويندم على ما فعل؟ هذا ليس هو الله رب
العالمين، بل إله من آلهة الوثنيين البدائيين بلغ من غضبه أنْ تشَوَّشَ
عقله فلم يعد يستطيع أن يقوم بأتفه العمليات الحسابية، فمرة يقول لنوح: خذ
من كل كائنٍ حىٍّ اثنين اثنين ذكرًا وأنثى، ثم ينسى ما قاله بعد قليل فيجعل
العدد من الحيوانات الطاهرة ومن طير السماء سبعةً سبعةً ذكورًا وإناثًا،
ليعود مرة أخرى إلى عدد الاثنين (تكوين/ 6/ 19- 20، و7/ 2- 3، 15- 16).
ولقد مرَّ فى النص السابق أنه كان هناك جبابرة كثيرون قبل الطوفان: قبل أن
يتخذ أبناءُ الله بناتِ الناس، وأيضا بعد أن اتخذوهن زوجات، إلا أن كاتب
هذا السفر، كعادة مؤلفى الكتاب المقدس، قد نَسِىَ هذا فقال عن نمرود (حفيد
ابن نوح، الذى وُلِد بعد الطوفان بزمن طويل) إنه "أول جبّار فى الأرض"
(تكوين/ 10/
. الله يُبَرْجِل مُخَّك كما بَرْجَلْتَ مُخَّنا يا ملفِّق
هذه الخزعبلات! وحتى نمرود هذا لا ندرى بالضبط مَنْ أبوه: فمرة يذكر الكاتب
أبناء كوش بن حام بن نوح فلا يورد بينهم اسم نمرود، لنفاجَأ به بعد أقل من
سطر يقول: "وكوش وَلَدَ نمرود"، أى أنجبه (تكوين/ 10/ 7-
. وسلِّم لى
على المترو. لا أقصد مترو اليوم، بل المترو الذى كان قبل الطوفان، وكان
يستخدمه الجبابرة، كل جبار فى عربةٍ وحده لا يشاركه فيها أحد، إذ هى لا
تكفيه إلا بالعَنَت والمشقة وبعد أن يُدْخِلوه فيها بلبّاسة يُزَفْلِطُونها
بالصابون لتسهيل عملية الدخول فلا ينحشر فى حَلْق الباب وتكون حكاية! ولم
لا؟ أليس جبارا؟ إن هذا يذكّرنا بحكايات أبى لمعة التى طيَّرَتْ دماغ
الخواجة بيجو فى حلقات "ساعة لقلبك" أيام زمان، فكان يصرخ من الدوار الذى
تسببه له قائلاً: "آخ! يا النافوخ بتاع الأنا"!
ومنه أيضا أن نوحا عليه السلام (قاتل الله من يسىء إليه ويفترى عليه
الأكاذيب!) قد دعا على حفيده كنعان ولعنه لا لشىء إلا لأنه هو (أى نوحا،
ولا أحد غيره) قد أخذ يعبّ من الخمر حتى أصبح طينة وانطرح على الأرض وتكشفت
سوأته (إِخْص!) فرآه ابنه حام (أبو كنعان) على ذلك الوضع المزرى، فلما
أفاق نوح وعلم بما حدث انطلق فى نوبة مسعورة يلعن كنعان "وأبا خاش كنعان"
ويدعو عليه بأن يجعله الله عبدا لعبيد إخوته (تكوين/ 9/ 20- 27)، مع أنه لا
ذنب كما ترى لحام، فضلا عن كنعان المسكين الذى لا ناقة له فى المسألة ولا
جمل، ولكن يبدو أن جدّه السِّكِّير لم يكن قد أفاق تماما من الخمر فلم يكن
يدرى ماذا يقول ولا ماذا يفعل، ولا على من يدعو ولا من يلعن! وعلى رأى
المثل، ولكن بالمقلوب: "يعملها الكبار، ويقع فيها الصغار"! طبعا، أليست
مجتمعاتنا مجتمعات "بطرياركية" كما يقول الأفاكون الأفاقون الملاعين الذين
يتفيهقون ويتحذلقون بترديد المصطلحات والأفكار الأجنبية، وأنتم تعرفون من
أقصد!
وفى سِفْر "الخروج" نقرأ أن أم موسى عليه السلام، بعد ثلاثة أشهر من ولادته
وبعد أن لم تعد تستطيع أن تخبئه خوفا من بطش فرعون به أطول من ذلك ، أخذت
سَفَطًا من البَرْدِى وطلَتْه بالحُمَر والزفت ووضعت فيه الرضيع ثم وضعت
السَّفَط بين الحَلْفَاء على حافة النهر، فيما وقفت أخته ترقب من بعيد ماذا
سيحدث، وأن ابنة فرعون قد نزلت النهر لتستحم فى الوقت الذى كانت فيه
جواريها يمشين على الشط، فرأت السَّفَط بين الحَلْفَاء فأرسلت أَمَةً لها
لتحضره، ولما فتحته وجدت ولدا يبكى، فقالت إنه من أولاد العبرانيين...إلخ.
والذى أود الإشارة إليه هو أن أم موسى قد طلت السَّفَط بالحُمَر والزفت،
وهذه العملية إنما يقوم بها صنّاع القوارب والمراكب منعًا من تسرب الماء
إليها حتى لا تغرق. فلماذا فعلت أم موسى ذلك إذا كان قصدها مجرد وضع
السَّفَط على شاطئ النهر كما جاء فى رواية العهد القديم لا فى النهر نفسه
كما قال القرآن؟ ألا يدل هذا على أن رواية القرآن الكريم للحادثة هى
الرواية الصحيحة، إذ جاء فيها أن أم موسى بعد أن وضعت رضيعها فى التابوت قد
قذفت به فى اليم؟ إن كاتب قصة العهد القديم قد فضحته هذه التفصيلة الدالة،
مثلما فضحه قوله هو نفسه على لسان ابنة فرعون حين ذكرت أنها قد سمَّتْ
الرضبع: "مُوسَى" لأنها قد انتشلته من الماء. أى أنه كان فى الماء لا على
الشط بين الحلفاء كما قال المؤلف السكران قبل أسطر (قارن بين سفر "الخروج"/
2/ 2- 10، وسورة "طه"/ 38- 39 وسورة "القَصَص"/ 7-
.
وبالمثل نقرأ فى الإصحاح الثانى والثلاثين من سفر "الخروج ما يلى: "
ولما
رأى الشعب ان موسى ابطأ في النزول من الجبل اجتمع الشعب على هرون.وقالوا
له قم اصنع لنا آلهة تسير امامنا.لان هذا موسى الرجل الذي اصعدنا من ارض
مصر لا نعلم ماذا اصابه. فقال لهم هرون انزعوا اقراط الذهب التي في آذان
نسائكم وبنيكم وبناتكم وأتوني بها. فنزع كل الشعب اقراط الذهب التي في
آذانهم وأتوا بها الى هرون. فاخذ ذلك من ايديهم وصوّره بالازميل وصنعه عجلا
مسبوكا.فقالوا هذه آلهتك يا اسرائيل التي اصعدتك من ارض مصر. فلما نظر
هرون بنى مذبحا امامه.ونادى هرون وقال غدا عيد للرب. فبكروا في الغد
واصعدوا محرقات وقدموا ذبائح سلامة.وجلس الشعب للاكل والشرب ثم قاموا للّعب
فقال الرب لموسى اذهب انزل.لانه قد فسد شعبك الذي اصعدته من ارض مصر.
زاغوا سريعا عن الطريق الذي اوصيتهم به.صنعوا لهم عجلا مسبوكا وسجدوا له
وذبحوا له وقالوا هذه آلهتك يا اسرائيل التي اصعدتك من ارض مصر. وقال الرب
لموسى رأيت هذا الشعب واذا هو شعب صلب الرقبة. فالآن اتركني ليحمى غضبي
عليهم وافنيهم.فاصيّرك شعبا عظيما. فتضرع موسى امام الرب الهه.وقال لماذا
يا رب يحمى غضبك على شعبك الذي اخرجته من ارض مصر بقوّة عظيمة ويد شديد
لماذا يتكلم المصريون قائلين اخرجهم بخبث ليقتلهم في الجبال ويفنيهم عن وجه
الارض.ارجع عن حمو غضبك واندم على الشر بشعبك. اذكر ابراهيم واسحق
واسرائيل عبيدك الذين حلفت لهم بنفسك وقلت لهم اكثر نسلكم كنجوم السماء
واعطي نسلكم كل هذه الارض الذي تكلمت عنها فيملكونها الى الابد. فندم الرب
على الشر الذي قال انه يفعله بشعبه.". وواضح ما فى النص من إساءة
فاحشة إلى نبى الله هارون، الذى ينسب إليه الكتاب المقدس ومزوروه أنه هو
الذى صنع العجل بيده وساعد قومه على الارتداد إلى الوثنية وهيأ لهم كل
دواعى الكفر والفحش والفجور، وكذلك ما فيه من إساءة إلى الله نفسه حيث
يصوره الكاتب بصورة إله وثنى يندم ويتراجع عما كان قرره، مما لا يمكن أن
يكون وحيا سماويا إلا إذا كان الوحى السماوى قد أصابه الهزال حتى بانت
كُلاَه وسَامَه كلُّ مفلس أقرع العقل والوجدان والإيمان مثل كاتب هذا
الكلام.
ثم هناك الأفكوهة التالية التى تفطِّس من الضحك والتى لا يمكن أن تقع ولا
فى الأحلام. ذلك أن سِنّ الابن فى "الحدّوتة" (أو إذا أحببتَ فَقُلِ:
"الأُحْدُوثة") التى نوشك أن نسمعها أكبر من سنّ أبيه بعامين (الله أكبر!):
"16 وَأَهَاجَ الرَّبُّ عَلَى يَهُورَامَ رُوحَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ
وَالْعَرَبَ الَّذِينَ بِجَانِبِ الْكُوشِيِّينَ 17فَصَعِدُوا إِلَى
يَهُوذَا وَافْتَتَحُوهَا وَسَبُوا كُلَّ الأَمْوَالِ الْمَوْجُودَةِ فِي
بَيْتِ الْمَلِكِ مَعَ بَنِيهِ وَنِسَائِهِ أَيْضاً وَلَمْ يَبْقَ لَهُ
ابْنٌ إِلاَّ يَهُوآحَازُ أَصْغَرَ بَنِيهِ. 18وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ
ضَرَبَهُ الرَّبُّ فِي أَمْعَائِهِ بِمَرَضٍ لَيْسَ لَهُ شِفَاءٌ.
19وَكَانَ مِنْ يَوْمٍ إِلَى يَوْمٍ وَحَسَبَ ذِهَابِ الْمُدَّةِ عِنْدَ
نَهَايَةِ سَنَتَيْنِ أَنَّ أَمْعَاءَهُ خَرَجَتْ بِسَبَبِ مَرَضِهِ
فَمَاتَ بِأَمْرَاضٍ رَدِيئَةٍ وَلَمْ يَعْمَلْ لَهُ شَعْبُهُ حَرِيقَةً
كَحَرِيقَةِ آبَائِهِ. 20كَانَ ابْنَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِينَ سَنَةً
حِينَ مَلَكَ وَمَلَكَ ثَمَانِيَ سِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ وَذَهَبَ غَيْرَ
مَأْسُوفٍ عَلَيْهِ وَدَفَنُوهُ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ وَلَكِنْ لَيْسَ
فِي قُبُورِ الْمُلُوك" (أخبار الأيام الثانى/ 21)،ِ "1وَمَلَّكَ سُكَّانُ
أُورُشَلِيمَ أَخَزْيَا ابْنَهُ الأَصْغَرَ عِوَضاً عَنْهُ لأَنَّ جَمِيعَ
الأَوَّلِينَ قَتَلَهُمُ الْغُزَاةُ الَّذِينَ جَاءُوا مَعَ الْعَرَبِ
إِلَى الْمَحَلَّةِ. فَمَلَكَ أَخَزْيَا بْنُ يَهُورَامَ مَلِكِ يَهُوذَا.
2كَانَ أَخَزْيَا ابْنَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ"
(أخبار الأيام الثانى/ 22). لاحظ أيها القارئ الكريم أن الأب قد مات وعنده
من العمر أربعون، إذ كانت سنّه حين تولى المُلْك اثنين وثلاثين عاما ثم
مَلَك ثمانية أعوام، ثم تولى ابنه الحُكْم بعده مباشرة وكان عمره وقتها
اثنين وأربعين. طيب، وماذا فى هذا؟ إن الفرق كله يا أخى "شوَيّة" أعوام لا
راحت ولا جاءت، فلم تقيم الدنيا وتقعدها من أجل حفنة سنوات؟ بالضبط كما فى
الفلم المشهور: "من أجل حفنة دولارات". وهأنتذا ترى أن الأمر كله تمثيل فى
تمثيل، فلا تكن حنبليا هكذا!
ونختم هذه الأفاكيه بالمثال التالى، وهو عبارة عن سلسلتَىْ نسب
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أترك القارئ الكريم يقارن بينهما بنفسه ليكتشف التناقضات العجيبة والفجوات السحيقة فى أهم موضوعات
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] على الإطلاق كى يحكم بنفسه على أولئك الناس الذين لا يستحون ويريدون أن
يحاكموا القرآن الكريم إلى كتابهم هذا على ما فيه من عُرَر. والنصان
التاليان مأخوذان من إنجيل متى وإنجيل لوقا على التوالى: ): "
متى 1/1- 16
Mat 1:1 كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم.
Mat 1:2 إبراهيم ولد إسحاق. وإسحاق ولد يعقوب. ويعقوب ولد يهوذا وإخوته.
Mat 1:3 ويهوذا ولد فارص وزارح من ثامار. وفارص ولد حصرون. وحصرون ولد أرام.
Mat 1:4 وأرام ولد عميناداب. وعميناداب ولد نحشون. ونحشون ولد سلمون.
Mat 1:5 وسلمون ولد بوعز من راحاب. وبوعز ولد عوبيد من راعوث. وعوبيد ولد يسى.
Mat 1:6 ويسى ولد داود الملك. وداود الملك ولد سليمان من التي لأوريا.
Mat 1:7 وسليمان ولد رحبعام. ورحبعام ولد أبيا. وأبيا ولد آسا.
Mat 1:8 وآسا ولد يهوشافاط. ويهوشافاط ولد يورام. ويورام ولد عزيا.
Mat 1:9 وعزيا ولد يوثام. ويوثام ولد أحاز. وأحاز ولد حزقيا.
Mat 1:10 وحزقيا ولد منسى. ومنسى ولد آمون. وآمون ولد يوشيا.
Mat 1:11 ويوشيا ولد يكنيا وإخوته عند سبي بابل.
Mat 1:12 وبعد سبي بابل يكنيا ولد شألتئيل. وشألتئيل ولد زربابل.
Mat 1:13 وزربابل ولد أبيهود. وأبيهود ولد ألياقيم. وألياقيم ولد عازور.
Mat 1:14 وعازور ولد صادوق. وصادوق ولد أخيم. وأخيم ولد أليود.
Mat 1:15 وأليود ولد أليعازر. وأليعازر ولد متان. ومتان ولد يعقوب.
Mat 1:16 ويعقوب ولد يوسف رجل مريم التي ولد منها يسوع الذي يدعى المسيح.
Luk 3:23 ولما ابتدأ يسوع كان له نحو ثلاثين سنة وهو على ما كان يظن ابن يوسف بن هالي
Luk 3:24 بن متثات بن لاوي بن ملكي بن ينا بن يوسف
Luk 3:25 بن متاثيا بن عاموص بن ناحوم بن حسلي بن نجاي
Luk 3:26 بن مآث بن متاثيا بن شمعي بن يوسف بن يهوذا
Luk 3:27 بن يوحنا بن ريسا بن زربابل بن شألتئيل بن نيري
Luk 3:28 بن ملكي بن أدي بن قصم بن ألمودام بن عير
Luk 3:29 بن يوسي بن أليعازر بن يوريم بن متثات بن لاوي
Luk 3:30 بن شمعون بن يهوذا بن يوسف بن يونان بن ألياقيم
Luk 3:31 بن مليا بن مينان بن متاثا بن ناثان بن داود
Luk 3:32 بن يسى بن عوبيد بن بوعز بن سلمون بن نحشون
Luk 3:33 بن عميناداب بن آرام بن حصرون بن فارص بن يهوذا
Luk 3:34 بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن تارح بن ناحور
Luk 3:35 بن سروج بن رعو بن فالج بن عابر بن شالح
Luk 3:36 بن قينان بن أرفكشاد بن سام بن نوح بن لامك
Luk 3:37 بن متوشالح بن أخنوخ بن يارد بن مهللئيل بن قينان
Luk 3:38 بن أنوش بن شيت بن آدم ابن الله.
لوقا 3/23- 38
ونحب مع ذلك أن نؤكد بكل ثقة وتحدٍّ أن ما سقناه هنا من الأخطاء
والانحرافات الموجودة فى الكتاب المقدس لا يعدو أن يكون عينة تافهة لا
تُذْكَر مما يعج به هذا الكتاب، فأنت فى كل خطوة تخطوها فيه إنما تضع قدمك
على لغم، وهو ما لم يَعُدْ أحد ينفيه من علمائهم الذين يفهمون ولا يستطيعون
أن يمضوا فى الدجل القديم حول عصمة ذلك الكتاب، بل لجأوا إلى اختراع نظرية
تسوّغ وجود هذه الأخطاء فى كتاب مثل هذا يزعمون رغم ذلك أنه موحى به من
الله. ومؤدَّى هذه النظرية أنه لا بد من التفرقة بين الوحى من ناحية الشكل
وبينه من ناحية المضمون: فمن الناحية الأولى نجدهم يقولون إنه ليس إلا
إبداعًا أدبيًّا للكاتب، أما من الناحية الثانية فيؤكدون أنه صادر عن الله.
ذلك أن الوحى بناء على هذه النظرية لا يلغى شخصية الكاتب، بل تتدخل ظروفه
فى الصياغة، ويمكن أن يقع تحريف فى النص، ومن ثم فلا بد من عملية النقد
والتمحيص (انظر مادة "Inspiration" من "The New Bible Dictionary"/ لندن/
1972م/ تحرير J. D. Douglas/ ص565- 566)، وهو نفس ما يقوله معجم "Hook’s
Church Dictionary" (لندن/ 1887م)، الذى يرى أن الأنبياء وكتبة الكتاب
المقدس قد أدَّوْا ما تلَقَّوْه من الوحى كما هو بدون أدنى خطإ من الناحية
اللاهوتية، لكن هذا لا يصدق على الناحية اللغوية والعلمية (ص403، 964). وقد
سمى المستشرق البريطانى مرجليوث المعروف بحقده الملتهب على الإسلام ونبيه
هذه النظرية بــ"Colouring by the Medium"، ومعناها أن الوحى إنما ينزل على
النبى أو الرسول أو الكاتب كفكرة، ثم يقوم الوسيط بصياغة هذه الفكرة
بأسلوبه هو، ومن ثم فالأخطاء التى تقع فى الكتاب المقدس مبعثها هذا الوسيط
لا السماء. أى أن الوسيط هو بمثابة كوب الشراب الذى يضفى على السائل لون
زجاجه (D. S. Margoliouth, Mohammedanism, London, 1921, P. 63)! وهو كلام
أشبه بألاعيب الحواة والبهلوانات كما هو ظاهرٌ بَيِّن. على أننا لا نريد أن
نمضى مع تلك النظرية أبعد من هذا فنؤكد أن الكتاب المقدس لا يساوى شيئا ذا
بال ولا حتى من الناحية اللاهوتية كما برهنّا قبل قليل من خلال بعض
الأمثلة الصارخة فى هذا المجال، بل حسبنا اعتراف القوم بأن الكتاب المقدس
لا يؤبه به من الناحية التاريخية والعلمية والحسابية والجغرافية وما إلى
ذلك. وهذا كل ما نريده للرد على المتنطعين الذين يحاولون أن يتخذوا من هذا
الكتاب معيارا للحكم على القرآن فى مسألة تاريخية مثل الاسم الخاص بوالد
السيدة مريم عليها السلام.
وهذا كله لو كان فى إنجيل لوقا (أو غيره من تلك السِّيَر التى ألَّفها
بَشَرٌ لم يراعوا أى ضابط منهجى أثناء تأليفهم لها) أن مريم هى بنت هالى
كما قال المسكين الذى ظن أنه يستطيع برعونته وجهله الغليظ أن يخطّئ القرآن
المجيد، وهو ما لا وجود له البتة، إذ المذكور فى الموضع المحدد من ذلك
الإنجيل (وهو النص الذى أوردناه قبل قليل للمقارنة بينه وبين النص المأخوذ
من إنجيل متى فى نسب السيدة مريم) إنما هو سلسلة نسب المسيح لا مريم، وفيها
أنه (على ما يظن أبناء قومه) ابن يوسف بن عالى (هالى)...حتى تصل السلسلة
إلى "آدم ابن الله" كما يقول كاتب السيرة العيسوية المسماة بـ"إنجيل لوقا".
لاحظ أيها القارئ الكريم هذا السخف بل الكفر فى قولهم عن آدم إنه "ابن
الله"! بل لاحظ التناقض مع قولهم إن المسيح هو وحده ابن الله، مع أن أولاد
الله فى الكتاب المقدس أكثر من الهم على القلب كما يعرف هذا كل من له دراية
بذلك الكتاب الظريف. بل لاحظ كيف لم يستطع الكاتب المسكين (أخزاه الله)
إلا أن يثبت فى
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] عليه وعلى أمه الطاهرة الشريفة العفيفة السلام، ما كان يقوله فى حقها وحقه
الأوغاد من يهود! المهم أنه لا ذكر لهالى فى هذه السلسلة النَّسَبِيّة
لمريم بتاتا. فعلام يدل هذا؟ على واحدة من ثلاث: أن الأبعد جاهل أو كذاب أو
أحمق مجنون! وليختر لنفسه الصفة التى يحب، فلن نقف حائلين بينه وبين ما
يختار. وبالمناسبة فقد أخطأ هذا الحمار فى عبارة "مع أن بينها وبين عمران
وهارون وموسى ألف وستمائة سنة" خطأ أبلق، إذ لم ينصب كلمة "أَلْف"، رغم
أنها اسم "أنّ"، فكان يجب أن تكون منصوبة. أقول هذا لأن ذلك الغبى قد أفرد
لما سماه "أخطاء نحوية فى القرآن" عشرات الصفحات، مع أنه لا يستطيع أن يحسن
كتابة أى شىء دون أغلاط نحوية وصرفية مضحكة تبرهن بأجلى برهان أن الأبعد
جاهل يَهْرِف بما لا يعرف، وأن الذين كلفوه بأن يكتب ما كتب قد ظلموه، إذ
أسندوا إلى حمار (حمارٍ بذَنَبٍ وأذنين طويلتين ومشفرين غليظين وحوافر صلبة
ووجه مستطيل مستدقّ يمشى مُكِبًّا عليه) مهمةً لا يصح أن يقوم بها إلا
عالم ضليع يضع نصب عينيه الوصول إلى الحق لا حمار ينهق كلما رأى البرسيم،
وكَفَى! وقد فَنَّدْتُها كلها فى كتابى: "عصمة القرآن الكريم وجهالات
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]" وبينتُ أن كل ما قاله سخف لا معنى له وأنه إنما يردد كلاما وضعوه فى فمه كما تفعل الببغاوات دون أن يفقه منه شيئا!
وفضلا عن ذلك فليس القرآن المجيد هو القائل إن مريم هى أخت هارون، سواء كان
المقصود هارون أخا موسى أو هارونًا آخر، بل الذين قالوا هذا هم قومها
أنفسهم، أما القرآن فمجرد حاكٍ لما قالوه. وقد سمع القرآنَ على عهد النبى
كثيرٌ من
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]، فلماذا يا ترى لم يكذبوه؟ بل لماذا دخل دينَ محمد، عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليمات، وآمن بقرآنه الملايينُ المُمَلْيَنَةُ من
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] دون أن يمنعهم ذلك أو يستوقفهم مجرد استيقاف، وفيهم الحاخامات والقساوسة
والعلماء والفلاسفة والمفكرون والأدباء والفنانون والساسة والمؤرخون من كل
جنس ولون، ومن كل العصور والبيئات؟ وحتى يستطيع القارئ أن يقدِّر مدى
مصداقية ما يقوله القوم عن مريم أُمّ إلههم أذكر هنا أنهم لا يعرفون شيئا
يُذْكَر عنها عليها السلام بعد أن توفى الله ابنها، بل لا يعرفون كم من
الأعوام لبثت بعده على قيد الحياة، إذ يختلفون فى هذه النقطة ما بين ثلاث
سنوات وخمس عشرة، فتأمل! (انظر مادة "Mary" فى "Wikinfo, an internet
encyclopedia") بل إنهم لا يعرفون بالضبط من يكون إخوة عيسى (أو كما
يقولون: إخوة الإله) الذين جاء ذكرهم فى العهد الجديد: أهم إخوته فعلا من
أمه بما يفيد أنها قد تزوجت بعد ولادته من يوسف؟ أم هل هم مجرد أقارب له من
جهة تلك الأم؟ أم هل هم أبناء يوسف من امرأة أخرى غير مريم؟ (انظر الجزء
الخاص بمريم العذراء من مادة "Mary" فى "International Standard Bible
Encyclopedia "). ودعنا مما أورده كاتبو سِيَر المسيح المسماة
بــ"الأناجيل" من الكلام القارص الذى قالوا إن المسيح عليه السلام قد وبخ
به أمه، وكذلك الكلام الذى قاله فى حقها هى وإخوته عندما كان يعظ بعض
أتباعه وأرادت الأم والإخوة أن يخرج إليهم ليحدثوه فى أمر ما، وهو كلام
يفيد أنه لم يكن يَعُدّهم ضمن المؤمنين به. ولنقرأ النصين التاليين: "
وفي
اليوم الثالث كان عرس في قانا الجليل وكانت أم يسوع هناك. ودعي أيضا يسوع
وتلاميذه إلى العرس. ولما فرغت الخمر قالت أم يسوع له: ليس لهم خمر. قال
لها يسوع: ما لي ولك يا امرأة! لم تأت ساعتي بعد." (يوحنا/2)، "
وفيما هو يكلم الجموع إذا أمه وإخوته قد وقفوا
خارجا طالبين أن يكلموه. فقال له واحد: «هوذا أمك وإخوتك واقفون خارجا
طالبين أن يكلموك». فأجابه: «من هي أمي ومن هم إخوتي؟»ثم مد يده نحو
تلاميذه وقال: «ها أمي وإخوتي. لأن من يصنع مشيئة أبي الذي في السماوات هو
أخي وأختي وأمي." (متى/ 12). فإذا كان الأمر كذلك يا إلهى، فلم إذن
البجاحة مع القرآن الكريم؟ إن الذى بيته من زجاج، بل من قشر بيض، لا ينبغى
أن يقذف الجبال الرواسى الشمّاء بحجارة صغيرة تافهة مثله، متصورا أنه سوف
يهدم الجبال بهذا العبث الصبيانى!
والآن إلى ما جاء فى موقع "الكلمة" الذى يديره زكريا بطرس، وهو موقع يشعر
من يدخله بأنه فى مولد، وصاحبه غائب، فهو مملوء بلافتات بكل لون وحجم
وكأننا فى سيرك الفيل أبو زلومة، وتطالعك من كل زاويةٍ أسماء كتب لا حصر
لها ولا عدد تهاجم القرآن والرسول والتوحيد وكل ما أتى به الإسلام من عقائد
شريفة وأخلاق نبيلة وتدافع عن التثليث البدائى الدموى والوثنيات المتهالكة
التى يريد بطرس أفندى أن يعيد المصريين إليها بعد أن أنعم الله عليهم
بالتوحيد المحمدى الكريم. وعلى رأس هذه الكتب ما يحمل أسماء سعيد العشماوى
وسيد القمنى وخليل عبد الكريم، وكأن لكلام هؤلاء وأمثالهم قيمة علمية عند
أهل التحقيق والتدقيق! ولقد كنتُ كتبتُ كتابا أناقش فيه ما جاء فى عدد من
الكتب المنقوش عليها اسم خليل عبد الكريم وفضحتُ تهافت ما فى تلك الكتب من
أفكار وأبرزتُ سخف ما يظنه المتنطعون الجهلة منطقا علميا لا يخرّ منه
الماء، وظل الرجل يطاردنى برُسُله يريد الحصول على نسخة من كتابى لأنه (كما
يقول) لم يقرأه، فكنت أضحك من هذا الكلام لأن الرسول كان يخبرنى بأننى قد
قلت فى حق الرجل كذا وكذا وكذا وأنه متألم لهذا الكلام، مما يدل على أنه قد
حصل على الكتاب وقرأه جيدا على عكس ما يدَّعى. ثم فوجئت منذ سنتين تقريبا
بأحد طلابى يرسل لى بصورة مقال لخليل عبد الكريم فى مجلة "أدب ونقد" يعرض
فيه لكتابى المذكور ويدلّس تدليسا مكشوفا أكد لى أن رأيى فيه وفيما يحمل
اسمَه من كُتُب هو رأىٌ فى محله تماما. ومع ذلك لم يستطع أن يتعرض لأى نقد
وجهته إلى تلك الكتب، بل أخذ يلف ويدور قائلا إنه يسامحنى فيما قلته فى حقه
تأسِّيًا بحبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم. طبعًا "حبيبه المصطفى" الذى
تطاول عليه واتهمه أشنع الاتهامات، وشكك فى صدقه ودوافعه وأخلاقه، ونفى عنه
النبوة وجعله مجرد سارق لأفكار الحنفاء وعادات الجاهليين وتقاليدهم،
وزَنَّ أصحابه وزوجاتهم بالشَّبَق الجنسى وعدم القدرة على التماسك أمام
فاحشة الزنا، واتهمه صلى الله عليه وسلم بأنه كان يَعْلَم ذلك منهم لكنه
كان يغض الطّرْف حتى لا ينفضّوا عنه فلا يستطيع أن يقيم دولته الهاشمية
التى كانوا يمثلون ذراعها العسكرى الضارب. يا سلام على الحب! ثم صدر كتاب
آخر يحمل اسمه قيل فيه عن الرسول عليه الصلاة والسلام إن ورقة بن نوفل
وخديجة بنت خويلد هما اللذان صنّعاه تصنيعا وجعلاه نبيا، وإن خديجة قد
"صَنْفَرَتْه وقَلْوَظَتْه": هكذا بلغة الحشّاشين والمساطيل والعربجية
والبُرْمَجِيّة! بل بلغة المآبين ممن يصنفرهم المستشرقون والمبشرون
ويقلوظونهم من تحت بعد أن يُخْصُوهم ويقضوا على رجولتهم. كما وُصِف عليه
السلام فى الكتاب بـ"آكل الشعير" (ومفهومٌ ماذا يريد الأوغاد الأوساخ أن
يقولوا)، وقيل عن أمهات المؤمنين: "نسوان صاحب النعلين"، وزُعِم أنه عليه
السلام قد تزوج خديجة رضى الله عنها على مذهب النصارى، وأن هذا هو السبب فى
أنه لم يتزوج عليها، وأن الذى قام بمراسم الزواج هو القسيس ورقة، وإن لم
يذكر لنا فى أية كاتدرائية بالضبط تمّ ذلك: كاتدرائية كانتربرى أم
كاتدرائية سان جرمان أم الكاتدرائية المرقسية؟ أرأيتم مثل هذا التخريف الذى
يطنطن به مع ذلك واضع تلك الكتب مؤكدًا أنه كلام علمى لا يأتيه الباطل من
بين يديه ولا من خلفه؟ طيب: " لا يأتيه من بين يديه" ماشٍ، أما أنه لا
يأتيه من خلفه ومن خلف صاحبه أيضا فكلام غير علمى. وقد رددت بدورى على قلة
الأدب هذه فى كتاب منذ أربع سنوات، وأعلنت عن اطمئنانى الذى يقرب من اليقين
إلى أن عبد الكريم ليس هو مؤلف الكتب التى تحمل اسمه، وبخاصة ذلك الكتاب
الأخير، وأغلب الظن أنه قد قرأ هذا الرد قبل أن يهلكه الله!
نعود إلى سيرك زكريا أفندى والغاغة التى يحدثها بهلوانات زكريا أفندى
وحُوَاة زكريا أفندى وبلياتشوهات زكريا أفندى وراقصات زكريا أفندى وطبّالو
زكريا أفندى وزمّارو زكريا أفندى وبلطجية زكريا أفندى ولاعبو الثلاث ورقات
الذين يُسَرّحهم زكريا أفندى وسارقو الكحل من العين الذين يشتغلون بنسبة
"فِيفْتِى فِيفْتِى" عند زكريا أفندى، وكذلك فيل زكريا (ولأنى مللت من
التكرار فسأقول هذه المرة: "زكريا" حاف من غير "أفندى") أبو/ أبى زلّومة
الذى يعجب الأطفال، فنقول: لقد كذب المسكين زاعما أن "القرآن خلط أبا موسى
بأبي مريم، فقال إنّ عمران أبا موسى وهارون هو أبو مريم التي حملت الكلمة
الإلهية". ثم أضاف قائلا: "ومما يؤيِّد خطأه هذا قوله في سورة مريم: يا أخت
هارون (28)، مع أن بين موسى والمسيح نحو 1500 سنة". وهأنذا أورد أوّلاً
النصين القرآنيين اللذين اعتمد عليهما فى التدليل على ما تخرّص وزعم: "إِذْ
قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ: رَبِّ، إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي
بَطْنِي مُحَرَّرًا، فَتَقَبَّلْ مِنِّي. إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ
الْعَلِيمُ* فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ: رَبِّ، إِنِّي وَضَعْتُهَا
أُنْثَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ، وَلَيْسَ الذَّكَرُ كالأنثى.
وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ، وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا
مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ" (آل عمران/ 35- 36)، "(فأتت به قومها
تحمله. قالوا: يا مريم، لقد جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا)* يا أختَ هارون، (ما
كان أبوك امرأ سَوْءٍ، وما كانت أمك بغيًّا)..." (مريم/27- 28). ثم نثنّى
بسؤال المعلم زكريا صاحب السيرك التبشيرى براقصاته وحواته وبهلواناته
وبلياتشوهاته ولصوصه الذين يسرقون الكحل من العين، ويسلبون ما فى جيوب
الفلاحين المساكين من خلال لعبة "الثلاث ورقات"، ولا ننس الفيل أبا زلومة
حتى لا يغضب الأطفال، والأطفال كما نعرف هم أحباب الله، فلا يصح أن ندخل
الحزن على قلوبهم: أين، يا معلمنا الذى لا يكذب أبدا ولا يخرج من فمه إلا
كل صدق، أين قول القرآن هنا أو فى أى مكان آخر منه "إنّ عمران أبا موسى
وهارون هو أبو مريم التي حملت الكلمة الإلهية"؟ يا معلم، إن هذا الذى تعمله
عيب! ألأن القرآن الكريم وضع يده على الجرح وبَيّن أصل التثليث فى قوله:
"يضاهئون قول الذين كفروا من قبل"، وفضحك أنت وأمثالك فضيحة الأبد فقال:
"إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل
الله. والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها فى سبيل الله فبَشِّرْهم
بعذاب أليم"، يركبك الجن والعفاريت وتلجأ إلى الكذب المفضوح على هذا النحو
المقزِّز؟ لقد قال القرآن إن مريم ابنة عمران، هذا صحيح لا جدال فيه، لكنه
لم يقل قطّ إن عمران هذا هو عمران أبو موسى وهارون. كما أنه لم يقل قط إنها
أخت هارون، بل الذى قال ذلك هم قومها، وإلا أفنقول أيضا إنه هو الذى اتهم
مريم بالزنا وقال لها: "ما كان أبوك امرأ سوء، وما كانت أمك بغيا"؟ ذلك أن
الذى قال إنها أخت هارون هو نفسه الذى تهكم بها وشنّع عليها ورماها
بالفاحشة؟ أجب أيها الفيل أبا زلومة! أما إن فسّر أحدٌ "عمران" هنا بأنه
عمران أبو موسى، فإنه يكون أباها عندئذ بالمعنى المجازى، ثم إنه يبقى مع
هذا تفسيرا مجرد تفسير وليس كلاما قرآنيا، إذ لم يقله القرآن، بل هو مجرد
اجتهاد من صاحبه قد يصيب فيه، وقد يخطئ.
أما قولك إن "علماء المسلمين لما رأَوْا هذا قالوا إن عمران المذكور في هذه
العبارة هو غير والد موسى، ولكنهم أخطأوا، لأن الكتاب المقدس لا يذكر
شيئاً عن ميلاد العذراء مريم، ولم يكن هناك مصدر يستقي منه محمد أخباره،
ولكن كانت هناك بعض خرافات الغنوسيين الذين ملأوا الجزيرة العربية، وأيضاً
المريميين الذين كانوا يُؤلِّهون العذراء مريم ويضعون حول ميلادها وحياتها
كثيرًا من المعجزات كما ورد في كتابي مولد العذراء وطفولية المخلّص و إنجيل
الطفولية (راجع الطبري والقرطبي والرازي في تفسير "آل عمران"/ 35- 36)"،
أما قولك هذا فلا معنى له بعد أن بيَّنّا للقراء القيمة العلمية لتلك
السِّيَر العِيسَوِيّة التى كتبها بعض الأشخاص بعد انتقال عيسى عليه السلام
إلى ربه بعشرات السنين دون تمحيص، بل حسبما كان يخطر لهم وتسعفهم به
ذاكرتهم وتمليه عليهم أهواؤهم. وقد رأيناهم يضطربون فى سلسة نسب المسيح
اضطرابا شنيعا مضحكا، فكيف تريدنا أن نجعل معتمدنا على مثل تلك الكتابات
فنجيز ما تقول ونضرب صفحا عما لم تقل؟ إننا إذا كنا نسمى مثل تلك الكتابات
وأمثالها بــ"الكتاب المقدس" فذلك على سبيل الحكاية لا غير، وإلا فهى غير
مقدسة عندنا بالمرة، لا لأننا مسلمون فقط بل لما ثبت قبل ذلك وبعد ذلك من
أنها ليست أهلا لثقة العقل أو المنطق أو العلم أو التاريخ. ثم أليست مهزلةً
أن يسكت الكتاب المقدس (الكتاب "المقدس" عندكم لا عندنا حتى تستريح ويهدأ
بالك، لا أهدأ الله لك بالا)، أليست مهزلةً أن يسكت مؤلفو (أو بالأحرى
ملفقو) الكتاب المقدس ("المقدس" على سبيل الحكاية) عن ميلاد السيدة مريم
وعن أبيها وأمها ونسبها مع أنها أم الإله عندكم؟ وما دام قد سكت، فكيف
عَرَفْتَ أن ما قاله القرآن عن هذا الميلاد وعن نسبها واسم أبيها غير صحيح؟
أم تراك تقول إنها هى أيضا قد وُلِدَتْ من غير أب وأم ما دام كتابكم
المقدس ("المقدس" على سبيل الحكاية حتى تفهم) لم يتحدث عن أبيها ولا عن
أمها؟ ألا ترى أن هذه لكاعة منك ونطاعة؟ أم أن المقصود هو تخطئة القرآن،
والسلام؟
وما دمنا نتحدث عن مريم وإهمال الأناجيل والكتابات النصرانية المبكرة لمعظم
أخبارها أرى من المستحسن أن أسوق هنا ما قاله المرحوم جلال كشك فى كتابه:
"خَواطِر مُسْلِم فِى المَسْألة الجِنْسِيّة"، الذى يعرضه زكريا بطرس على
عربة اليد المسمّاة بـــ"موقع الكلمة" والتى يدور بها فى شوارع التبشير
ينادى بصوته النشاز على ما لديه من بضاعة تافهة رخيصة مغشوشة كمعظم الباعة
السّرّيحة، فوفَّر لى بذلك فرصةَ قراءة الكتاب دون أن أدفع فيه شيئا ودون
أن أتعب فى البحث عنه، فلا جزاه الله خيرا لأن نيته شيطانية رغم أنها قد
انقلبت عليه. وأعود فأقول إن من المستحسن أن نورد هنا ما قاله الأستاذ كشك
من "أنَّ أيّة مقارنة بين الإنجيل وأعمال الرسل وتراث الكنيسة في القرون
الأولى وبين القرآن حول مريم تؤكّد أنَّه لا وجود "لمريم" في الفكر المسيحي
الأوّل، أو أنَّها (كما تقول المؤرّخة راي تناهيل) ظلّت إلى القرن الثالث
عشر: "مُجرّد قدّيسة عادية"، أمّا في الإسلام فقد أُعْلِنَتْ منذ القرن
السابع: "سيدة نساء العالمين"، فهي التي اصطفاها الله على نساء العالمين،
هي "البتول" التي أحصنت فرجها. ليس لها في
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] سِفْر، ولها في القرآن سورة كاملة. وجاء اسمها في القرآن 34 مرة، وفي 14
سورة. وذُكِرَ "عيسى" في القرآن 25 مرة منها 15 منسوبًا إلى أمّه: "عيسى بن
مريم"، وورد لقب المسيح في القرآن 11 مرة منها ثماني مرات: "المسيح ابن
مريم". ولم يَرِدْ ذلك ولا مرة في الأناجيل. ولكي لا يُقال إنَّ ذلك طبيعي
لحرص الأناجيل على تأكيد أنّه ابن الله، نقول إنَّه حتى عندما أراد كتّاب
الأناجيل إثبات نسب المسيح الآدمي لتأكيد أنَّه "ابن داود" نسبوه
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] وليس لمريم!" (مُحَمّد جَلال كِشْك/ خَواطِر مُسْلِم فِى المَسْألة
الجِنْسِيّة/ الطبعة الثالثة/ مكتبة التراث الإسلامي/ القاهرة/ رجب 1412هـ-
يناير 1992م/ 50).
[center]
ما إشارة أبى زلومة فى آخر كلامه إلى [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
وطفولية المخلّص وإنجيل الطفولية فستكون نقطة انطلاقنا نحو مناقشة ما ورد
فى الموقع الإنجليزى، إذ ذكرت بعض الأناجيل غير المشهورة أن والد مريم هو
يواقيم. ولكنّ للحكاية أصلاً لا بد أن أحكيه للقراء، إذ كنت قد رجعت منذ
عدة سنوات إلى معجم أوكسفورد لأسماء الأشخاص بحثا عن شىء يضىء لى الطريق
فيما يتعلق باسم "يواقيم"، الذى يقول النصارى إنه أبو مريم، فوجدته يذكر أن
عندهم رواية بأن مريم هى ابنة يواقيم، لكنه أضاف أن هذه الرواية لا تحظى
بثقتهم (Elizabeth Gidley Withy Combe, The Oxford Dictionary of
English Christian Names, 1948, P. 78 ). ثم قرأت فى مراجع أخرى أن الرواية
المقصودة هنا هى ما تقوله بعض الأناجيل التى لا تعتمدها الكنيسة. وقد
اطلعت على الرواية فعلا فى "[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]:
The Gospel of James" و"إنجيل ميلاد مريم: The Gospel of the Nativity of
Mary"، وكذلك "إنجيل متى المزيف (هكذا يسمّونه رغم أنه لا يفترق عن إنجيل
متى الذى يعترفون به فى أن كليهما تأليف بشرى لا يخضع للضبط العلمى): The
Gospel of Psewdo-Matthew". وهى كلها أناجيل لا تعترف بها الكنيسة، ومن ثم
لا يحق لها أن تحاجّ المسلمين بها، إذ لا يعقل أن آتى بشاهد فأحتج بشهادته
إثباتًا لحقٍّ أدَّعيه، على حين أنى أعلن فى كل مناسبة أنه شاهِدُ زورٍ،
وأنى أنا نفسى لا أثق فى شهادته طرفة عين. ألا إن هذا لَقِمّةُ التناقض!
إنهم بهذه الطريقة "يُحِلّونه عامًا، ويُحَرِّمونه عامًا" كما قال القرآن
الكريم عن المشركين بسبب خضوعهم القبيح للأهواء وتلاعبهم الأرعن بالأنظمة
التشريعية! أليس هذا بالضبط هو ما يفعله هؤلاء المبشِّرون البُعَداء؟ ثم
إنهم من بجاحتهم وبجاستهم يخطِّئون القرآن الكريم رغم ذلك كله لأنه يسمِّى
أبا مريم اسمًا آخر لم تذكره هذه الأناجيل!
ونصل للموقع الإنجليزى، فماذا يقول؟ إنه يردد ما يقوله موقع "الكلمة"
كحَذْوِكَ النَّعْل بالنَّعْل (فالحكاية كلها نِعَالٌ فى نِعَالٍ لا أدمغةٌ
وعقول!)، وهذا نَصّ كلامه: "إن [url=http://www.burhanukum.com/article1231.html]