Admin   ;


الدولة :  عدد المساهمات : 642 نقاط : 151425 تاريخ التسجيل : 10/01/2010 العمر : 34 الموقع : http://abdo4esl.weebly.com/ العمل/الترفيه : معلم لغة إنجليزية
 | موضوع: ألوان من سخافة النصارى في الصليب الثلاثاء 20 نوفمبر 2012, 5:20 am | |
| ألوان من سخافة النصارى في الصليب من كتاب هداية الحيارى لإبن القيم
**********
وكيف ينكر لأمة أطبقت على صلب معبودها وإلهها، ثم عمدت إلى الصليب فعبدته وعظمته، وكان ينبغي لها أن تحرق كل صيب تقدر على إحراقه، وأن تهينه غاية الإهانة؛ إذ صلب عليه إلهها الذي يقولون تارة: إنه الله، وتارة يقولون: إنه ابنه، وتارة يقولون: ثالث ثلاثة، فجحدت حق خالقها، وكفرت به أعظم كفر، وسبّته أقبح مسبّة، أن تجحد حق عبده ورسوله، وتكفر به. وكيف يكثر على أمة قالت في رب الأرض والسموات أنه ينزل من السماء ليكلم الخلق بذاته، لئلا يكون لهم حجة عليه، فأراد أن يقطع حجتهم بتكليمه لهم بذاته، لترتفع المعاذير عمن ضيع عهده بعدما كلمه بذاته، فهبط بذاته من السماء، والتحم في بطن مريم، فأخذ منها حجاباً، وهو مخلوق من طريق الجسم، وخالق من طريق النفس، وهو الذي خلق جسمه وخلق أمه، وأمه كانت من قبله بالناسوت، وهو كان من قبلها باللاهوت، وهو الإله التام، والإنسان التام، ومن تمام رحمته تبارك وتعالى على عباده أنه رضى بإراقة دمه عندهم على خشبة الصليب، فمكن أعداءه اليهود من نفسه ليتم سخطه عليهم، فأخذوه وصلبوه وصفعوه، وبصقوا في وجهه، وتوجوه بتاج من الشوك على رأسه، وغار دمه في إصبعه لأنه لو وقع منه شيء إلى الأرض ليبس كلما كان على وجهها، فثبت في موضع صلبه النوار.
ولما لم يكن في الحكمة الأزلية أن ينتقم الله من عبده العاصي الذي ظلمه أو استهان بقدره، لاعتلاء منزلة الرب، وسقوط منزلة العبد، أراد سبحانه أن ينتصف من الإنسان الذي هو إله مثله، فانتصف من خطيئة آدم بصلب عيسى المسيح الذي هو إله مساو له في الإلهية، فصلب ابن الله الذي هو الله في الساعة التاسعة من يوم الجمعة. هذه ألفاظهم في كتبهم!!، كيف يكثر عليها أن تقول في عبده ورسوله أنه ساحر، وكاذب، وملك مسلط، ونحو هذا؟!!. ولهذا قال بعض ملوك الهند: أما النصارى فإن كان أعداؤهم من أهل الملل يجاهدونهم بالشرع، فأنا أرى جهادهم بالعقل، وإن كنا لا نرى قتال أحد، لكني أستثني هؤلاء القوم من جميع العالم، لأنهم قصدوا مضادة العقل، وناصبوه العداوة، وشذوا عن جميع مصالح العالم الشرعية والعقلية الواضحة، واعتقدوا كل مستحيل ممكناً، وبنوا من ذلك شرعاً لا يؤدى إلى صلاح نوع من أنواع العالم، ولكنه يصير العاقل إذا شرع به أخرق، والرشيد سفيهاً، والحسن قبيحاً، والقبيح حسناً، لأن من كان في أصل عقيدته التي جرى نشؤه عليها الإسائة إلى الخلاق والنيل منه، وسبه أقبح مسبة، ووصفه بما يغير صفاته الحسنى، فأخلق به أن يستسهل الإسائة إلى مخلوق، وأن يصفه بما يغير صفاته الجميلة، فلو لم تجب مجاهدة هؤلاء القوم إلا لعموم أضرارهم التي لا تحصى وجوهه، كما يجب قتل الحيوان المؤذي بطبعه؛ لكانوا أهلاً لذلك. والمقصود: أن الذين اختاروا هذه المقالة في رب العالمين على تعظيمه وتنزيهه وإجلاله، ووصفه بما لا يليق به، هم الذين اختاروا الكفر بعبده ورسوله، وجحد نبوته، والذين اختاروا عبادة صور خطوها بأيديهم في الحيطان، مزوقة بالأحمر والأصفر والزرق، لو دنت منها الكلاب لبالت عليها، فأعطوها غاية الخضوع والذل والخشوع والبكاء، وسألوها المغفرة والرحمة والرزق والنصر، هم الذين اختاروا التكذيب بخاتم الرسل على الإيمان به وتصديقه واتباعه، والذين نزهوا بطارقتهم وبتاركتهم عن الصاحبة والولد، ونحلوهما للفرد الصمد، هم الذين أنكروا نبوة عبده وخاتم رسله.ـ
| |
|